إذا كنت تريد أن تصبح مصمم ألعاب ناجح، فعليك الاهتمام ببعض التفاصيل الدقيقة التي لها تأثير عميق على اللعبة. و لا شك أن أهم مثال عن هذا الاهتمام الزائد هو لعبة "سوبر ماريو" القديمة الخاصة بجهاز نينتندو نيس Nintendo NES .
لا شك أنك قضيت جزء كبير من طفولتك في هذه اللعبة الممتعة التي حققت نجاحا مبهرا. لكنني على يقين أن القلة القليلة من اللاعبين هي التي انتبهت للتصميم المحكم لهذه اللعبة. سوف آخذك معي في رحلة لاكتشاف هذه التفاصيل وما مدى أهميتها.
عندما تبدأ اللعبة، تجد أن شخصية ماريو في يسار الشاشة.
و هذا بحد ذاته يعطيك معلومة مهمة و هي أنه عليك الذهاب إلى اليمين. رغم بساطة هذه الفكرة إلا أن صانعي الألعاب يجدون صعوبة بالغة في إرشاد اللاعبين إلى حيث عليهم الذهاب. أما مياموتو ففعلها في شاشة واحدة دون اللجوء إلى كتابة شيء على الشاشة. الدليل على أن هذا كان مخططا له هو أن ماريو يقضي غالب وقته وسط الشاشة:
هذه الشاشة الأولى في اللعبة التي لا يحدث فيها شيء تسمح للاعب بتجربة الأزرار و فهم نظام اللعبة.
بعدما فهم اللعب أن عليه التحرك، أول شيء يصادفه هو علبة مكتوب عليها علامة استفهام. هذه العلبة تجبر اللاعب على اختبار زر القفز و التفاعل مع عناصر اللعبة، لكنها لا تهدد اللاعب لكونها لا تتحرك نحوه، فيستطيع اكتشافها حينما أراد. في نفس الوقت، يبدأ أول مخلوق عجيب في التحرك نحوه. هنا سيتعرف اللاعب على شكل أول عدو. و ذلك واضح لأن شكله غريب و هو متجه نحو ماريو. لا يمكنك تجاوز هذا العدو إلا إن قمت بتجريب خاصية القفز. فإن لم يستطع اللاعب فهم ذلك فورا، يعود إلى بداية اللعبة، لكنه لم يخسر الكثير لأنه لا زال في البداية فقط.
هل لاحظت معي كيف أن المصمم تأكد من أن اللاعب فهم أهم قواعد اللعبة في الشاشتين الاولتين؟
بعد ذلك، يصادف اللاعب، مربعات أخرى فيقرر أن يضربها ليحصل على شيء ما. و هنا يلاحظ أن شيء ما خرج من المربع و هو اتجه نحو اليمين ثم سقط وارتطم مع الأنبوب الأخضر ليعود نحو ماريو. و دور هذا الأنبوب هو منع الفطر من الفرار من اللاعب كما سيحدث له لاحقا في اللعبة. قد يكون رد فعل اللاعب هو القفز على هذا الشيء لأنه يشبه العدو الأول قليلا. لكنه عندما يقوم بذلك، يرتطم مع مكعبات الأجور التي فوقه، فيلتقي مباشرة مع الفطر الذي يكبر من حجمه. في هذه اللحظة، يكون اللاعب قد فهم كيف يتحرك الفطر و ما دوره و كيف يتفاعل مع مكعبات الأجور.
بعد ذلك، يصادف اللاعب مجموعة من الأنابيب متفاوتة الارتفاع. و الهدف منها هو أن يتعلم اللاعب أن ارتفاع القفز يتغير حسب مدة الضغط على الزر. أما مخلوقات الڭومبا العالقة بين الأنابيب فدورها هو أن يفهم اللاعب أنها مخلوقات لا تطير و يفهم كيف تتفاعل فيما بينها عند الحركة.
هنا يقرر اللاعب تفادي هذه المخلوقات و القفز فوق الأنبوب الموالي مباشرة. و هذه مهارة مهمة لاجتياز باقي اللعبة. إذا ما فشل اللاعب في هذه القفزة، قد يسقط فوق الڭومبا الأول تليها قفزة صغيرة يقوم بها ماريو لوحده و تريه أنه سيحصل على نقط أكثر إن قضى على أكثر من عدو قبل أن ينزل إلى الأرض.
آخر تلك الأنابيب يمكن اللاعب من النزول إلى مكان مليء بالنقود و الخروج في مكان بعيد. هذه الخاصية تساعد اللاعبين المحترفين على تجاوز هذا المستوى الممل بالنسبة لهم و المرور إلى أشياء أكثر تعقيدا. لكن اللاعب المبتدئ قد لا يكتشف هذا الممر السري و يكمل اللعب في هذا المستوى و ذلك جيد لأن عليه التعلم أكثر ما يمكن في هذا المستوى السهل.
أخيرا، يصادف اللاعب هذه الحفرة التي يجب أن يجتازها بالقفز. فإن كان اللعب مبتدئا و لا يجيد اللعب، قد يحصل أنه سيقفز قبل الأوان بكثير، ويصطدم مع مكعب مخفي يعطيه حياتا إضافية. و هذا يعلم اللاعب أن هذه اللعبة مليئة بالمفاجئات.
سوف أكتفي بهذا القدر، رغم أن هذا المستوى من اللعبة مليء بمثل هاته التفاصيل المهمة.
أتمنى أن تكون أخذت فكرة عن أهمية التصميم المحكم و المدقق في ألعاب الفيديو و أن تكون فهمت سرا من أسرار نجاح لعبة سوبر ماريو.
إن أعجبك الموضوع، فلا تنسى مشاركته مع أصدقائك لتعم الفائدة.
الموضوع من طرف: Nasr-eddine MHANNI
ضمن مسابقة المحترف لأفضل تدوينة لسنة 2017
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق